الخامسة عشر
كثيراً ما أخاف منها , كثيراً ما أشعر أن هناك شيطاناً ما يحركها , ليس مجازاً وإنما أشعر بذلك حقيقةً .
كثيراً ما أقرأ أورادي خوفاً من شيطانها الذي يسيطر عليها , أشعر بوجود قوة خفية مخيفة حولها لا أعلم ماهي , هل سيطرة الشيطان عليها .. أم شيئاً آخر لا أعلمه .
أشعر أنها تشاغلني بقصة الأرواح والأصوات حتى تثبت لهم أني مجنونة .. لقد احترت في التعامل معها , أكاد أجن بالفعل .
فكل هذا الضغط يشعرني أحياناً بأني سأجن عن قريب , لولا تماسكي وإيماني بالله لكنت الآن في مستشفى نفسي بسبب ماتفعله بي تلك العقربة .
يارب أعني كي أحافظ على حياتي وأخرجها من حياتي يارب .
لا أعلم ماذا فعلت لكي أستحق أن تفعل بي تلك المجنونة ما تفعل , لعله اختبار منك كي تراني أأثبت أم لا .
على كل حال إني عهدت نفسي قوية .. لا أستسلم بسهولة , فلن استسلم إلا إذا أمرتني بذلك يارب , لن أستسلم إذا لم يتيسر لي طريقاً إلا الاستسلام .
لقد جربت مع تلك الملعونة كل الطرق إلا الاستسلام , فلم أستسلم لرغباتها في خراب بيتي , فأنا أعرف جيداً أنها لا تريد إلا ذلك .
لقد ذهب سليمان إلى عمله اليوم ورجعت إلى عملي أيضاً بعد أجازتي , ولقد انتويت أن أبدأ معها هدنة مزيفة , فأنا أعرف أنها لن تهادنني وهي ستعرف بالتأكيد أني لن أهادنها ,ولكنها هدنة أمام الجميع فقط ’ حتى أفكر وأعرف ما تخطط له .
ذهبت إلى عملي , فتحت الحاسوب وانحرطت في العمل , ثم خطرت لي فكرة مفاجئة , فكرت في البحث عن أي بيانات عن ذلك المنزل الذي أسكن به , أي شيء قد يدلني على ما يحدث .
أخذت أبحث فلم اجد شيئاً وقد كنت مرهقة بالفعل من العمل ولم أستطع البحث جيداً .
ذهبت إلى البيت محبطة وحاولت عدم إظهار ذلك , فلا اريد الشيطانة أن تعرف أني أفكر كثيراً , فهي ماكرة وتلاحظ كل شيء .
دخلت من البوابة فوجدتها تجلس في الحديقة وتلبس ملابس مثيرة ورامي يجلس بجوارها , فلم أظهر أي اهتمام لذلك , فأقبلت عليهم بشوشة مبتسمة .
-
صباح الخير عليكم , ما هذا الصبح الجميل … رامي ألم تذهب إلى جامعتك اليوم ؟
-
لا يا أمي , فإني أشعر أني سأصاب بالزكام فقلت أني يجب أن أرتاح اليوم .
-
حسناً حبيبي , انجي .. ما هذا الجمال , أرى أنكِ تستمتعين بأشعة الشمس , سابدل ملابسي وآتي لأتمدد معكم هنا في هذا الجو الجميل .
ابتسمت لي انجي ابتسامة سخيفة ,, تلك الابتسامة بجانب واحد من وجهها , وكأنها تخبرني أن أذهب إلى الجحيم .
ماذا أفعل .. زوجي والآن ابني , أشعر أن حياتي تتسرب من بين يداي .
ذهبت لتبديل ملابسي وخرجت إلى الحديقة فوجدت الشيطانة قد ذهبت , ورامي لازال هناك فسألته :
-
أين ذهبت انجي ؟
-
لقد ذهبت لتأخذ حماماً وتبدل ملابسها .
-
رامي : أراك تميل لانجي ؟
-
ماذا ؟ ما تقولين يا أمي ؟
-
أنا أمك ولا يعيبك أن تخبرني بم تشعر .
-
سأصدقك القول يا أمي .. نعم بالفعل إني أشعر بإحساس غريب عند وجودها .. أشعر أني أحبها , وأحياناً لا أشعر ناحيتها بشيء , ولكن مؤخراً يزيد تعلقي بها .
-
حسناً حبيبي , فهل أخبرتها بذلك , أو شعرت أنها مستجيبة ؟
-
لا لم أخبرها ولكن أحياناً أشعر أنها مستجيبة وأحياناً لا .
-
إذا لا تستبق الأحداث .. فلعل في حياتها شخص .
-
لا أستطيع التحكم في نفسي في وجودها يا أمي , أشعر بأني أريد أن أكون بقربها طوال الوقت .
-
حسناً حبيبي , ولكن لا تهمل دراستك , فإذا كنت تحبها فدراستك هي التي ستجعلك تتخرج وتعمل وتتقدم لخطبتها .
-
حسناً أمي سأحاول .
ذهبت إلى حجرتي منهكة أريد أن أنام , ولكن كيف لي أن أنام وأترك الشيطانة مع ابني .. هل هذا صوت ياسمين ؟
-
ياسمين ؟
-
نعم يا أمي .
-
هل حضرت ؟ حسناً سأرتاح قليلاً ثم أصحو لأعد لكم الطعام .
-
حسناً يا أمي , لا تقلقي , ارتاحي وأنا سوف أعد الطعام .
-
حسناً حبيبتي , شكراً لك .
نمت وكاني لم أنم من قبل , فأحياناً عندما يغلبني الهم أنام طويلاً ولا أشعر بنفسي إلا في اليوم الثاني , أو أصحو ليلاً مثل الوطواط.
بالفعل نمت كثيراً وصحوت قرب العشاء على صوت طرق الباب .
-
أمي .. ما كل هذا النوم , لقد قرب العشاء .. هيا انهضي لتناول الطعام ولتجسلي معنا قليلاً , هل أنتِ مريضة ؟
-
لا يا حبيبتي , انا فقط منهكة من العمل , فقد تعودت على الراحة في الاجازة , يومان فقط وسأسترد نشاطي إن شاء الله.
-
حسناً هيا لتتناولي الطعام فلقد تناولنا طعامنا منذ زمن .
-
حسناً حبيبتي , وكيف حال دراستك .
-
كل شيء بخير أمي لا تقلقي .. ولكني أردي أن أخبرك شيئاً أمي فلا تغضبي أرجوكِ .
-
ولم سأغضب ؟
-
لا أعرف هل ستغضبين أم لا , ولكنك ربيتنا على الصراحة ولا أريد أن أخفي عنكِ شيئاً .
-
ماذا يا ياسمين أخبريني , حتى لا تقلقيني .
-
هناك زميلي في الجامعة يريد أن يقابلك ويتعرف إليكِ .
-
هكذا .. ولم سأغضب .. طالما أتى من الباب ولم يقفز من الشباك .
-
لأني أعرف يا أمي متشددة قليلاً , اعذريني يا أمي , فيجب أن أكون صريحة معكِ كما عودتنا .
-
لا يا حبيبتي , طالما هو يريد التعرف إليّ فهو بالتأكيد شاب جيد ومباشر .
-
حسناً يا أمي سأتفق معه على ميعاد وأخبرِك .
-
حسناً حبيبتي .
خرجت ياسمين سعيدة من حجرتي , واذددت تعاسة .. هل هذا الوقت المناسب يا ياسمين .. لا اردي أن أتعسها وأخبرها أن تصبر قليلاً , ولكني لأن أسبق الأحداث , بالرغم من أني أعرف أن الشيطانة لن تحب أن ترى ياسمين سعيدة وأخشى أن تدبر لها شيئاً .. فهي تعيش حياتها لتمكر , وهي بالتأكيد لا تحب أن ترى غير نفسها سعيدة .
لن أستبق الأحداث فلعلها لا تفعل .. سنرى .
تناولت طعامي وجلسنا جميعاً لنتسامر ونتحدث ونضحك وفي أجوافنا أنا وانجي كره دفين لا يعلمه إلا الله .
إلا أني أشعر كثيراً بالشفقة عليها , احياناً أتعجب من نفسي , فكثيراً ما أشعر أني لا أعرف الكره , ولا أستطيع أن أجعله يدخل إلى قلبي , أنا أشعر بالشفقة عليها من نفسها .
إني أعتبر ذلك هدية من الله .. فلو أني أكره مثلها وأحقد فلن يكون هناك بيننا فرق .
مستشار أسري ناهد سند
Advertisements
😍👌
إعجابLiked by 1 person